:دخل الأب إلى البيت ممسكًا بيده اللغز ولوّح به عالياً
"لغز الحقيبة السوداء"
:قفزت "ساندي" تريد أن تطاله من يده، فلوح به عاليًا وهو يضحك
"هدية لبطلة اكتشاف أعتى اللصوص والتحقيق في أكبر القضايا التي حيرت العقول في إمارة دبي وما حولها "ساندي عبد الله"، ووصلت يدها لمستوى يد أبيها، فسحبت اللغز من يده وعانقت أباها بقوة: "شكرًا حبيبي بابا
:وفتحت اللغز وتوجهت نحو غرفتها وبدأت بالقراءة، فوضعت الأم كفيها على خدها وهي تضحك
."لن نرى "ساندي" حتى تنهي لغزها"
: ورفعت الجدة يديها تدعو لها
"حماها الله ورعاها، ما أجمل هوايتها!"
فردّ الجد ضاحكًا:
"هل تعنين هواية المطالعة أم قراءة الألغاز بشكل خاص؟"
:فأشارت الجدة بأصبعيها وهي تضحك
."أعني الاثنتين يا عزيزي"
.ومضت ساعتان لم تشعر بهما "ساندي"، حتى اقترب أخوها "معاذ" ليخطف اللغز من يدها ويجري خارجًا من الغرفة
لحقته "ساندي" إلى غرفة الطعام والغضب يقفز بها قفزًا، ولكنها فوجئت بأفراد العائلة حول مائدة الطعام، فتوقفت قليلاً، هدّأت من ثورتها، ا، اقتربت من معاذ وقد اصطبغ وجهها خجلًا وسحبت اللغز من يده، فبادرتها أمها:
"ناديناك كثيراً دون فائدة، فقرر معاذ أن يأتي بك إلى طاولة الطعام بطريقته الخاصة"
وضعت "ساندي" اللغز على طرف المائدة وبدا على شفتيها طرف ابتسامة خجول: "آسفة أمي لم أسمعك"، ونظرت إلى أخيها بطرف عينها متوعدة، فبادرها بابتسامة نصر وشقاوة تنم عن سعادته بما فعل، ورغبته في تكرار الموقف.
تجاهلته "ساندي" وجلست في الكرسي الفارغ الذي كان ينتظرها. أمسكت الملعقة وصارت تدور بها داخل الطبق الفارغ وعيناها زائغتان، ولم تنتبه إلا عندما قدمت لها الجدة قطعة خيار:
"ما الذي يشغل بالك يا حبيبتي؟"
فأخذت قطعة الخيار وهي تبتسم:
"آىسفة يا جدتي، أقرأ قصة بوليسية وأنا مهتمة جدًا لمعرفة الجاني"
وبعد انتهائهم من طعام الغداء جلس الجميع في الصالة، وانضمت إليهم "ساندي" ولكن كالعادة مع كتابها. وفجأة اقتربت منها جدتها وهي تقدم لها علبة من المخمل الخمري الجميل: "قبل أن تبدئي قراءتك يا حبيبتي افتحي هذه العلبة".
أخذت "ساندي" العلبة بلهفة وفتحتها، فوجدت فيها عقدًا من حجارة الفيروز الكروية الزرقاء، يتخللها حلقات صغيرة من الفضة، وفي وسط العقد حجر فيروزي كبير، نُحِت بشكل هرة شيرازية بيضاء بشريطة حمراء في عنقها، وتدلى من الحجر مجموعة من السلاسل الفضية القصيرة. أخرجته من العلبة بهدوء وعيناها تشعان إعجابًا ودهشة: "هذا لي يا جدتي؟"
قفزت "ساندي" إلى جدتها، حضنتها وقبلتها ثم أمسكت العقد أمام الجميع تتأمله بإعجاب وسرور، وضعته حول عنقها فنظر إليه الجد بدهشة ثم التفت إلى الجدة::
".إنه العقد الذي أهدتك إياه أمك رحمها الله"
:نظرت الجدة إلى "ساندي" بمحبة وقالت
"نعم يا عزيزي، لقد ضمت أمي رحمها الله حباته في سلسلة من الفضة، وأهدتني إياه منذ أربعين سنة، إنِّه غالٍ جدًا على قلبي، وقررت أن أهديه للغالية على قلبي أيضًا. وأتمنى أن تحافظي عليه وتتذكريني كلما ارتديتِه"
نظر إليه الأبوان بإعجاب:
"!كم هو أنيق"
"يشع في رقبتك جمالًا"
نظر "معاذ" بغيرة إلى العقد ورفع يده مشيرًا إلى ساعته: "وأنا أيضًا، أهداني جدي ساعة جميلة" :عادت "ساندي" وعانقت جدتها التي أمطرتها قبلًا
"ألف شكر جدتي الحبيبة، إنه رائع، سأرتديه في عيد ميلاد صديقتي مها يوم الجمعة القادم، كم أحبك يا جدتي".
وفي اليوم التالي في باحة المدرسة، أخرجت "راما" قطعة من الكيك وقدمتها لصديقتها وابنة جيرانها "ساندي"، ولكن "ساندي" كانت تقرأ في كتاب فلم تنتبه، فقالت لها:
".دعي عنك الدراسة الآن، استريحي قليلاً، وتذوقي هذه القطعة من الكيك اللذيذ"
ضحكت "ساندي" وعيناها على الكتاب: "أي دراسة وأي علمٍ يا "رمرم"، إنه لغز، قصة بوليسية رائعة وسأكتشف رئيس العصابة بعد قليل، أعتقد أنه بواب العمارة".
.أخرجت "راما" من كيسها علبة من العصير وهي تقول: "بواب العمارة؟ يجب أن يكون رئيس العصابة رجل غني ومشهور"
.فردت "ساندي" وعينيها في اللغز: "بالعكس، قد يكون إنسانًا عاديًا لا يعرفه أحد، يدير أمور العصابة في السر كيلا يلفت إليه الأنظار"
:أخرجت "راما" لنفسها قطعة أخرى من الكيك وبدأت تأكلها
أنهت "راما" قطعتها وبدا صوتها مخنوقًا واللقمة في فمها: "وكيف تأكدت أنه البواب؟"
ورمت "ساندي" علبتها الفارغة في سلة المهملات ومسحت يديها:
"وهل نحكم عليه من خلال الشكوك؟ لا بد أن يبحثوا عن بصمات أصابعه ويسألوا عن مكان وجوده أثناء السرقة"
.ورن الجرس معلنًا انتهاء الفسحة والعودة إلى الصفوف فأمسكت "راما" بـ "ساندي" من كتفها وكأنها تعتقلها وقالت: ""ساندي" عبد الله أتهمك بتضييع وقت الفسحة علينا بالحديث عن اللصوص والسرقات، ومنعنا من الاتفاق على الذهاب لعيد الميلاد يوم الجمعة"
وركضتا تتضاحكان نحو الصف، وكاد صوت أميرة يضيع بين زحام الطالبات وهي تقول: "وهل لديك دليل على اتهامك؟ أقر وأعترف بأنني سأذهب معك وستذهب معنا ابنة جيراننا نورا إلى حفل عيد الميلاد"
وفي اليوم الموعود ذهبت الفتيات الثلاث "ساندي" و"راما" و"نورا" إلى حفل عيد ميلاد "مها" وقد تألَّقن بملابسهن، فاختارت "ساندي" فستانها الأزرق، بحزام مطرز وجيبين من لون الحزام على جانبيه، بينما ارتدت "راما" فستانًا من الحرير الأصفر، بدانتيل أبيض على ذيله ونهايتي أكمامه وعنقه، وكان فستان "نورا" بصدر أبيض وتنورة حمراء اللون.
قدمت كل منهن هديتها لـ "مها". كانت هدية "ساندي" صندوقًا موسيقيًا جميلًا تضع فيه إكسسواراتها، وعندما فتحته "مها" صدرت منه موسيقى لطيفة وأضواء ملونة، وخرجت راقصة باليه منحوتة من السيراميك الملون تدور، وحولها عصافير مثبتة في الغطاء.
قضت الفتيات ساعات جميلة مع الصديقات، فتناولن أطعمة لذيذة ولعبن الكثير من الألعاب المسلية. ولكن يبدو أن يومها لم ينته بعد، فما إن دخلت "ساندي" إلى المنزل حتى فوجئت بأبيها وهو يهم بالخروج من البيت، وقد بدا على وجه أمها القلق، وعندما سألت عن السبب، أخبرها بأن ابنة خالتها تعاني من حمى شديدة، وقد كتب لها الطبيب دواءً للالتهاب وخافض للحرارة، وبما أن زوج خالتها مسافر في مهمة عمل، فكان لا بد أن يشتري لها الدواء بنفسه، فعرضت عليه الذهاب معه للاطمئنان على ابنة خالتها.
ولم تكد تدخل المنزل بعد عودتها من منزل خالتها حتى قرع جرس المنزل. إنها "نورا" جاءت لتستعير كتاب الرياضيات. دخلتا غرفة النوم، وتبادلتا الأحاديث المختلفة عن المدرسة والمواقف المسلية التي حدثت معهن في حفلة عيد الميلاد. وأخيراً غادرت "نورا" وراحت "ساندي" في نومٍ عميقٍ، لقد كان يوماً حافلاً حقاً
عندما استيقظت في اليوم التالي، حاولت أن تسترخي في سريرها وتستمتع بعطلتها، ولكنها تذكرت فجأة العقد الذي أهدتها إياه جدتها. مدت يدها إلى رقبتها ولكنها لم تجده. لقد ارتدته البارحة في عيد الميلاد، ولكنها لم تخلعه! أين اختفى يا ترى؟ ربما سقط منها في السرير وهي نائمة، أو في أرض الغرفة أثناء تغيير ملابسها؟ ربما!!
بحثت عنه وقلبت غرفتها رأسًا على عقب، ولكنها لم تجده. لم تخبر أحدًا، خافت أن تعلم جدتها بالأمر فتغضب منها. أعادت البحث ولم تجده. اتصلت فورًا "براما" وطلبت منها أن تأتي فورًا لزيارتها لأمرٍ عاجل، ولم تمض ربع ساعة حتى كانت "راما" معها وبدأتا البحث عنه في الغرفة. تحت الخزانة والسرير، في الدروج وبين الملابس. بحثتا كثيرًا، ولكن.. للأسف دون جدوى. جلست "ساندي" حزينة تفكر وتفكر إلى أن سألتها "راما":
وفكرت قليلًا: "بالتأكيد، في أحد هذه الأماكن التي كنت فيها"
:وتكتفت "ساندي" وأمسكت ذقنها بين إبهامها وسبابتها وقالت وكأنها تفكر بصوت عالٍ
وضيقت "راما" عينيها وهي تقول: "ماذا لو أن أحدهم سرقه من عنقك دون أن تنتبهي؟! "
:وصمتت "ساندي" تفكر، ثم قفزت من مكانها
وصمتت "ساندي" وبدأت تذرع الغرفة جيئة وذهاباً، ثم قالت:
:آه، إنه أَمرٌ مربكٌ، عليَّ أن أرتب أفكاري... بعد أن وضعتُ العقد"
"أين ضاع؟
هرشت "راما" رأسها: "إذا استبعدنا بيت خالتك لأنك سألتها، وإذا استبعدنا البيت لأننا بحثنا في كل الغرفة ولم نجد شيئًا...."
"فردت "ساندي" فورًا: "لم يبق إلا بيت "مها" و... "نورا". ما رأيك أن أتصل ب"مها" وأسالها؟
"ونظرت "راما" نحو السقف مليًا وأمسكت ذقنها: "ولكن.. هل ستخبرنا إن وجدَتْه؟
قامت "راما" من مكانها غاضبة واتجهت نحو الباب لتخرج: "لقد تأخرت، يجب أن أعود إلى المنزل
فلحقت بها "ساندي" وقالت لها: "آسفة، لم أقصد أن أتهمك، تعرفين مكانتك عندي، أنا أفكر بصوت عالٍ فقط، لا يمكن أن نشك بأحد هكذا دون دليل" وأجلست "راما" على الكرسي قربها: "فكري معي، العقد ليس ثمينًا ولكنه غالٍ على جدتي، ويجب أن أجده، فلنفكر معًا".
فردت "راما" بهدوء وحذر وهي تنظر في عيني "ساندي": "وبما أنه ليس في البيت، فقد يكون مسروقًا ويجب أن نجد الدليل".
"وفكرت "ساندي": "حسنًا، إذا لم يكن ثمينًا فلماذا يسرقه أحدهم؟
"فنفخت "راما" بصبر نافذ: "يسرقه لأنه يظنه ثمينًا، وربما فقط لأنه جميل، وربما ليغيظك...
"فوقفت "ساندي" أمامها: "حسنًا.. حسنًا، لا تغضبي، ماذا تقترحين؟!
:قامت "راما" تتمشى وعيناها تشعان
.واتفقت الفتاتان على اللقاء في اليوم التالي لتنفيذ ما اتفقتا عليه
: وفي اليوم التالي، وفي الباحة تحديداً، بدأت الفتاتان بمراقبة كل شيء حولهما
:ضاقت عينا "راما" وهي تركز فيما تقول
فأمسكت "ساندي" بكفيها يدي "راما" واقتربت منها، وكأنها تقول سرًا خطيرًا:
واتفقتا على أن تستدرج "راما" "شيماء" غلأى خارج الصّفّ لتسحب "ساندي" السلسلة من الدرج، فقد تكون هي سلسلة العقد المفقود.
وبعد أن رن جرس الباحة وخرجت الطالبات، اقتربت "راما" من "شيماء" وقالت لها: "شيمو"... تعالي، أحضرت لك اليوم قطعة من الكيك اللذيذ المغطى بكريمة الشوكولا"
فردت شيماء باشمئزاز: "شكرًا لك ولكنني لا أحب الكريمة" ووضعت يدها على معدتها وتغضن وجهها: "كما أن معدتي تؤلمني"
وفوجئت راما من ردها فقالت لها: "إذن فلا بد أنك تحبين "البوشار" المقرمش بجبن "الشيدر"، إنه لا يؤذي" وأخرجت من حقيبتها كيس "البوشار": "قلت لك معدتي تؤلمني يا "راما"، لا أريد طعامًا"
وأصرت "راما": "ممم... حسناً.. أريد أن أستشيرك في أمر يا "شيماء" فهل تسمحين أن نتمشى قليلًا في الممر؟"
اقتربت "شيماء" منها وقالت: "بالطبع يا "راما"، خيرًا؟"
أمسكت راما بيدها وخرجتا. لم تكد "ساندي" تطمئن إلى خروجهما إلى الممر حتى جلست في مقعد "شيماء"، حيث وقعت عينها على طرف سلسلة فضية قصيرة تشبه سلاسل عقدها، ورفعت مجموعة الكتب من فوقها قليلًا، ومدت يدها بهدوء لتسحب السلسلة، ففوجئت بجوال معلق بها يقع على الأرض، لقد كانت السلسلة علاقة جوالها ولا علاقة لها بعقدها بالمرة. انحنت لتحضره فانزلقت الكتب من الدرج ووقعت، وفي نفس اللحظة سمعت وقع خطوات تقترب من الصف، وسمعت "راما" وهي تكلم "شيماء": "أشكرك يا شيماء أعرف أنك ماهرة في الفيزياء".
فردت "شيماء" وقد اقترب صوتها من الباب أكثر: "لا حاجة للشكر يا "راما"، انتظريني لحظة، سأحضر جوالي ثم ننزل إلى الباحة ونكمل حديثنا".
ذعرت "ساندي" لسماع صوت "شيماء" القريب، وأعادت الكتب والجوال لمكانهما بعشوائية، وبينما كانت تخرج مسرعة من المقعد لحظة دخول الفتاتين، ارتبكَتْ واشتبكتْ قدماها ببعضهما وتعثرت ووقعت. فأوقعت الكتب والجوال ثانية. ركضت "شيماء" وساعدتها لتقف، فوقفت "ساندي" وقد تلون وجهها بالأحمر ثم الأصفر وأخذت تصلح هندامها وأمسكت بكوعها الذي آلمها:" اُعـ... اُعذريني "شيماء"، وقعت في مقعدك، وأوقعت كتبك وجوالك".
انحنت "ساندي" وجمعت ما وقع على الأرض فأخذت "شيماء" جوالها، وأعادت الكتب للدرج وأمسكت جوالها تتفحصه: "لا عليك، المهم أنك أنت وجوالي بخير".
وفي الباحة توقفت "ساندي" و"راما" تتحدثان:
وبعد عودة الفتيات إلى الصف، فوجئت راما بكوع "ساندي" ينكزها في خاصرتها، وقد عضت على أسنانها وهي تكلمها بصوت منخفض:
وبعد انتهاء الدوام اتصلت "ساندي" بـ "نورا" فقد قلقت عليها لخروجها من منتصف الدوام، فأخبرتها "نورا" بأن أمها كانت مريضة، وهذا ما دفع أباها للاستئذان من الإدارة لأخذها، كي تبقى معها وترعى أخاها الصغير. فاستأذنت "ساندي" منها لتزورها مع "راما".
سلمتا على والدة "نورا" وتمنتا لها الشفاء العاجل، ثم أدخلتهما "نورا" غرفتها، وأخذن يتجاذبن أطراف الحديث الذي بدأته "ساندي":
فلعقت "راما" شفتيها وكأنها ترى القالب أمامها: "آه، كم كان لذيذًا"
كانت نورا ترتدي قميصًا أبيض رقيقًا فتحت أول زرٍ من ياقته، ولما التفتت نحو "ساندي" بدا جزء من السلسلة الفضية وأحجار الفيروز من تحت القميص، وشفّ من تحت القميص في وسط العقد حجر يتألق منه لون أحمر ذكرت "ساندي" بعقدة شريط الهرة الشيرازية ، وبدت العقدة لعينيها كبيرة جدًا، وبدت الهرة تضحك لها، بل وتمد لسانها، فمدت "ساندي" يدها إلى رقبة نورا لتمسكه:
"يبدو عقدك جميلًا يا "نورا"، ألا ترينني إياه؟"
وضعت "نورا" فجأة يدها على صدرها بدهشة: "ماذا؟ العقد؟"
وجاء من الخارج صوت الأم تنادي ابنتها:
"نورا، تعالي يا بنتي"
فاعتذرت "نورا" منهما وهي تضع يدها على صدرها وخرجت:
"أستأذنكما، سأرى ماذا تريد أمي وأعود حالاً"
وبعد خروج "نورا" نظرت "ساندي" إلى "راما" وهي تفرك يديها وتزم شفتيها بقلق وغضب:
وفجأة سمعتا صوت خطوات تقترب من الغرفة، ولكن صوتًا غاضبًا حاول صاحبه أن يخفضه وصل إلى أسماعهما: "لا يهمني أحد، هيا، أعطني العقد، لقد تأخرت"
فخرج صوت "نورا" وهو يهمس مرتجفًا: "خذي واصمتي"
وبعد دقيقة، سُمِعَ صوت باب يصفق، واقتربت الخطوات من الباب حتى دخلت "نورا"، ونظرت الفتاتان إلى رقبتها التي خلت من العقد، ووجهها الذي كان بلون عصير الليمون الذي قدمته لهما، وجلست قربهما وعلمت من نظراتهما أنهما سمعتا الحديث فاقتربت منهما وهي تفتعل الابتسام قائلة:
"سامح الله أختي لقد رفعت صوتها، تعرفان الأمور التي تحدث بين الأخوات، استعرت البارحة عقدها ونسيته في عنقي فغضبت مني"
فردت "ساندي":
فتشجعت "ساندي" وقالت: "إنه يشبه عقدي، هل يمكن أن أراه؟"
فردت نورا مستغربة: "حقًا! للأسف لقد أخذته أختي وخرجت"
ابتلعت "ساندي" ريقها وشربت العصير مع "راما" وخرجتا.
وبعدما عادت الاثنتان إلى المنزل، جلستا في غرفة "ساندي" التي بدا الحزن والهم عليها لأنها لم تجد العقد، وفجأة قالت وهي تنهض: "لا بد أن أسترد عقدي" ومدت يدها إلى الأمام وكأنها تنتزع شيئًا:
:وقُرِع باب الغرفة ودخلت الأم وهي تحمل صينية فيها طبقان من الحلوى
"أهلًا "راما"، كيف حالك يا بنتي؟"
:مدت "راما" يدها وأخذت طبقها
:وهمت الأم بالخروج إلا أن شيئًا استوقفها فجأة
وتسمّر نظر الفتاتين على الأم وكأنها ألقت قنبلة: "ممممـ.... ماذا قلت يا أمي؟"
:وأخرجت الأم من جيب فستانها العقد وبدا قفله مكسورًا
"بينما كنت أعلق فستانك في الخزانة، وقع من جيبه العقد الذي أهدتك إياه جدتك، يبدو قفله مكسورًا. سأرسله مع أبيك لإصلاحه. انتبهي أكثر لما قد يقع منك، ولا تنسي تعليق ثيابك بنفسك ثانية"
فقفزت "ساندي" وأمسكت العقد بيدها والدهشة تملأ عينيها وكأنها تتأكد من أنه هو. وأعادته لأمها وردّت وكأنها رجل آلي وعيناها مسمرتان على أمها وهي تعيد العقد لجيبها:
"حاضر... حاضر... يا... أمي"
وما إن خرجت الأم من الغرفة حتى نظرت الفتاتان لبعضهما، وانقضت "راما" على "ساندي" تمسكها من كتفيها وتهزها:
"كان في جيب الفستان؟ أيتها المحققة الذكية!"
فضربت "ساندي" جبينها وصكت على أسنانها بين ضحك وغضب: "يا لي من غبية، كيف لم أبحث في الجيب؟"
فردت "ساندي" وهي تضحك: "هناك فرق بين -هو نفسه- وبين - كأنه هو-"
وعادت "راما" تلتهم طبقها وهي تقول: "ما ألذ طبق الحلوى بعد جوع وهم وغم لمدة يومين".
في اليوم التالي تجمعت الفتيات حول "ساندي" وهي تحكي لهن قصة اللغز الذي انتهت من قراءته البارحة، فسألتها راما عن سارق الحقيبة، فقالت لها وهي تضحك:
:عدي معي الإثباتات"
بصمات أصابعه على خزنة النقود في المنزل.
بعد أن فتشت الشرطة خزانته وجدوا في الدرج الصغير مفتاح المنزل المسروق كان قد اختفى من صاحبه بعد أن زار البقالة.
لم يستطع أن يثبت مكان وجوده أثناء السرقة.
وبعد التحقيق معه اعترف، وكما تعلمين فالاعتراف سيد الأدلة
قاطعتها راما وأمسكت بكفها الممدودة قائلة:
ونكزت "راما" في بطنها ضاحكة وقالت: "وهل نتهم الناس لمجرد الشك؟!"
لم يخفَ على "نورا" نظرات "ساندي" و"راما" وهما تتحدثان وتحدقان بعنقها.
كانت "نورا" ترتدي عقد أختها، تلمع في وسطه عقدة حمراء في عنق هرة شيرازية.
شعرت "ساندي" أنها هي هذه المرة من تضحك من تلك القطة الشيرازية وتمد لها لسانها.